القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير logo إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
shape
شرح لمعة الاعتقاد
272232 مشاهدة print word pdf
line-top
جهود العلماء من أجل إظهار العقيدة السليمة

عند ذلك اجتهد علماء السنة في أن يؤلفوا عقائد تثبت عقيدتهم التي يدينون بها لله -عز وجل- فكتب الإمام أحمد عقيدة، وكتب ابنه عبد الله عقيدة، وكتب البيهقي عقيدة، وكتب ابن أبي شيبة وابن أبي عاصم وأبو عبيد القاسم بن سلام وتوسع بعضهم كصاحب الشريعة واللالكائي والخلال في كتاب السنة ونحوهم وحفظ الله تعالى أكثر تلك الكتب التي تتعلق بالعقيدة وبالسنة وبما كان عليه سلف الأمة وتتضمن إثبات هذه الصفات التي هي صفات كمال، وكتب الرد على أولئك المبتدعة الذين بالغوا في إنكار هذه الصفات كلها فكانت تلك حجة قائمة على من بلغته؛ ومع ذلك فإنه في القرون الوسطى بعد القرن الرابع تخافتت تلك الكتب واختفت وكانت محفوظة في مكتبات خفية لا أحد يقرؤها ولا يعلم محتواها.

line-bottom